<
الرئيسية » Uncategorized » فنّ القوما

فنّ القوما

 

فنّ القوما
نُظِم هذا اللَّون من الشّعر الشعبي لدعاء السّحور في شهر رمضان ، وأخذت تسميته من قول المسحُّر: “قوما نسحّر قوما” (هيّا للسحور) ومن هنا أطلق عليه “القوما” ؛ وقد نشأ هذا اللون من فنون الأدب الشعبي في العراق ، وشاع هذا النَظم في الدولة العباسية بين أهل بغداد ، وكان مألوفاً في القرن السادس الهجري وما بعده .
وقيل أن أوَّل من اخترعه رجل يُكنّى “ابن نقطة” (أبو بكر محمد بن عبدالغني ، ت 629هـ.) والصحيح أنه موجود من قبله ، وكان الخليفة الناصر في أواخر القرن السادس الهجريّ يطرب له ويعجب بنظمه ، فجعل للرجل مرتّباً سنويّاً ، فلمّا مات ابن نقطة أراد ابنه – الذى كان يجيد هذا الفن – أن يُنبِّه الخليفة إلى موت والده ، فجمع بعض الغلمان ووقف معهم خارج قصر الخلافة في الليلة الأولى من رمضان وأخذ يُغنَّي بصوت رخيم ، وممّا نظمه قوله:
يا سَيّد السّادات *** لكْ بالكَرَمْ عاداتْ
أنا بُنَيّ ابن نُقطة *** تعيشْ أبي قَدْ ماتْ
فأصغى الخليفة ، وطرب له وجعل له ضعف ما كان لأبيه .
ومن “القوما” قول “صفىّ الدين الحلىّ” 2028-2فى الملك المؤيد إسماعيل بن علي بن محمود صاحب حماة (ت732هـ) ، المنشور في ديوان الشاعر “العاطل الحالي والمرخص الغالي”:
لا زال سعدك جديد — دائم وجدّك سعيد
ولا برحت مهنَّا — بكل صوم وعيد
في الدهر أنت الفريد — وفي صفاتك وحيد
والخلق شعر منقّح — وأنت بيت القصيد
يا مَن جنابه شديد — ولطف رأيه سديد
ومَنْ يلاقي الشدائد — بقلب مثل الحديد
لا زلت في تأييد — في الصوم و التعييد
ولا برحت مهنى — بكل عام جديد
نحن لذكرك نشيد — بقولنا والنشيد
لا زلت في كل عيد — تخطى بجد سعيد
عمرك طويل وقدرك — وافر وظلك مديد
انتشرت هذه الفنون الشعبية في المشرق ، واشتهر بها المصريون وطوّروها ونظموا فيها بمختلف الأغراض الشعرية لموافقته ميولهم وطباعهم ، فنظموه بشيءٍ من السخرية والتهكّم وضمّنوه الحكم والأمثال ، مواكبين في ذلك أحداث العصر ومتطلباته ، وهي فنون يلزم حذف الإعراب منها ، ولا تُنظم إلا باللفظ الرقيق العامي لتخفّ على الأسماع ، فقد استخدم المغنّون فى هذا الفن لغة بين العامية والفصحى ، أي لغة فصحى مبسطة ، ويجب أن تنظم القوما باللفظ العامي السهل
ومن القوما لصفيّ الدين الحلي قوله:
حال الهوى مجبور— يريد جلد صبور
يصون سرّه و إلاّ — يبقى من أهل القبور
من كان هواه مستور — يحظى برفع الستور
ومن هتك سر حبّو — يمحى من الدستور
ابذل لبيض النحور — أموال مثل البحور
كم عاشق مذعور — في حب بيض الثغور
يغار قلبه ولكن — مدامعه ما تغور
ومن نظم أهل العراق في القوما:
إن ردت تخطي بحور— اجعل كفوفك بحور
وإلا فلا تتعشق — قدودنا والحُور
ومنه في الظُرف أيضا:
أي قلب دعهم — اش ترى أوقعك معهم
انكف عنهم — قبل ما تظهر بدعهم