<
الرئيسية » اهم الأخبار » المستشار عدلي منصور

المستشار عدلي منصور

بينما نحن الآن على أبواب عام جديد نحتفل فيه بثورة 30 يونيو التى قادها الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى مرحلة تاريخية فارقة فى تاريخ الوطن، واستعاد بها مصر الدولة الوطنية من القوى التى حاولت طمس الهوية المصرية وإلحاق مصر بكيان أيديولوجى عالمى غريب عن روح مصر والمصريين، فإننا نذكر دور شخصية مصرية استثنائية كان لها دور مهم فى مسار هذه الثورة وتحقيق أهدافها، نذكر المستشار عدلى منصور الذى استجاب لنداء الوطن فى لحظة مصرية ومصيرية عندما طُرحت عليه مسؤولية رئاسة البلاد فى الفترة الانتقالية التى تم فيها إعداد الدستور وانتخاب رئيس الجمهورية، وعندما أتم هذه الرسالة والتقى بالرئيس السيسى قُدم له فى حفل لا يُنسى أرفع وسام فى البلاد.

الرئيس عدلى منصور ينتمى إلى المدرسة القضائية المصرية العريقة، وفى تاريخ هذه المدرسة قضاة طرحت عليهم مسؤوليات وطنية وسياسية كبرى ولبّوا نداء الوطن؛ من هؤلاء الزعيم سعد زغلول، الذى قاد ثورة 1919، وعبد العزيز فهمى، الذى شارك سعد زغلول فى إطلاق مسيرة الجهاد الوطنى يوم 13 نوفمبر 1918، وكلاهما من مؤسسى المدرسة القضائية المصرية، وهناك قضاة آخرون فى منصب وزراء ورئيس وزراء فاوضوا من أجل إنهاء الامتيازات الأجنبية فى مدينة مونترو السويسرية عام 1937، وأنهوا هذه الحقبة الظالمة فى حياة المصريين وأشاد بهم قرناؤهم الذين كانوا يوفاوضونهم، من هؤلاء مصطفى النحاس، رئيس الوزراء، ومكرم عبيد وعبد الحميد بدوى، الذى رأس فيما بعد أعلى منصب قضائى دولى، وهو رئيس محكمة العدل الدولية.

امتد عطاء هذه المدرسة العريقة جيلًا بعد جيل وفى مراكز ومناسبات سياسية بارزة فى تاريخ مصر، ثم جاء المستشار عدلى منصور ليكون من هذا الجيل الذى عبر القرن العشرين إلى القرن الحادى والعشرين وأصبح رئيسًا للمحكمة الدستورية، ثم جاء إلى منصب الرئاسة فى ظرف وطنى دقيق، فقاد دفة البلاد بحكمة ورويّة وبُعد نظر، ثم توارى عن الأضواء طوال الأعوام السبعة الماضية.

كان المستشار عدلى منصور مثالًا لما يكون عليه الرجال بعد أن تنحسر عنهم الأضواء، ولكنهم يظلون مهمومين بالوطن وقضاياه.. فظل متابعًا ومشاركًا حينما طلبت منه المشاركة، ولأنه مهتم بمستقبل مصر كان اهتمامه ببناء الإنسان المصرى وفى قلبها قضية التنوير.

أذكر هنا زيارته لمكتبة مصر العامة بعزبة البرج منذ عدة أيام، وهى المكتبة رقم عشرين التى افتتحت منذ شهر واحد بتلك المدينة الواعدة، ثم افتتحت حديقتها الدولية المتفردة على شاطئ النيل يوم 12/6، والتى جاء إنشاؤها بالتعاون بين محافظة دمياط ومكتبة مصر العامة ومنظمة الأمم المتحدة (للمرأة)، وكانت تلك هى أول مرة ألتقى فيها بالدكتورة مايا مرسى، رئيس المجلس القومى للمرأة، رأيت فيها مثالًا جديدًا فى قيادة حركة المرأة المصرية والتى لم تنل حقها حتى الآن من التعريف بها، وقد أنشئت الحديقة لتكون مكانًا آمنًا ودائمًا للمرأة المصرية.

عبر الرئيس عدلى منصور فى القارب البخارى فى الأسبوع الماضى، وكان فى معيته الدكتورة منال عوض، محافظ دمياط، من الشاطئ الغربى للنيل برأس البر إلى الشاطئ الشرقى، ورسا القارب على مرسى مكتبة عزبة البرج، وتفقد المستشار منصور المكتبة ركنًا ركنًا وقاعة قاعة، وتحدث مع الكبار والصغار، وكم سعدت عندما علمت أن الدكتورة منال قدمت إليه نسخة من كتابى «رحلة العمر» ليقرأ فيه بعض ما رويت عن أحداث عاصرتها فى النصف الثانى من القرن العشرين.

اختتم المستشار عدلى منصور هذه الزيارة بأن وصف المكتبة بأنها منارة، وهو نفس الوصف الذى نستخدمه فى وصف سلسلة مكتبات مصر العامة الممتدة من شرق مصر على البحر الأحمر إلى غربها فى واحات الصحراء الغربية، ومن شمالها فى مدخل قناة السويس بمدينة بورسعيد إلى جنوبها، حيث المدينة العالمية الأقصر.

زيارة الرئيس السابق المستشار عدلى منصور هذه لها دلالة رمزية كبيرة، وصورته وهو يأخذ كتابا من على رف المكتبة ليتصفحه تعطى إشارة مهمة للشباب، إلى أهمية القراءة والثقافة، ما يذكرنا بالخطاب المهم الذى ألقاه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى مستهل فترة رئاسته الثانية، عندما اعتبر الثقافة والتعليم والصحة الأركان الأساسية فى بناء الإنسان المصرى.

أحيى الرئيس عدلى منصور ابن المؤسسة القضائية المصرية العريقة.

ستظل زيارة المستشار عدلى منصور لمكتبة مصر العامة بعزبة البرج حدثًا نعتز به جميعا، نحن أبناء عزبة البرج، كما ستظل مصر تذكر دوره الوطنى الكبير فى ثورة 30 يونيو.

تحية لابن بار عظيم من أبناء مصر المحروسة.