<
الرئيسية » اهم الأخبار » التراث المصري على ساحل البحر الأحمر بقلم الريدي

التراث المصري على ساحل البحر الأحمر بقلم الريدي

حديث المكتبة، الجزء 16 بقلم السفير عبد الرءوف الريدي رئيس مجلس إدارة المكتبة بعنوان “التراث المصري على ساحل البحر الأحمر.

حديث المكتبة ١٦
التراث المصري على ساحل البحر الأحمر…
تحدثت في الحلقة السابقة عن الوجود المصري على طول الساحل الغربي للبحر الأحمر…حتى القرن الإفريقي و جمهورية الصومال… وقد جاء هذا الوجود خلال حقبة الخديوي إسماعيل صاحب الرؤية الإستراتيجية والاهتمام بالوجود المصري إلى منابع النيل الأزرق وربط ذلك بالنيل الأبيض. ورغم ما حققه إسماعيل من نجاح بالنسبة للوجود المصري في المنطقة الاستوائية والوصول إلى بحيرة فيكتوريا وبحيرة ألبرت وإقامة المدن التي حملت أسماء الخديوي وأبيه إبراهيم…إلا أن الوجود المصري على ساحل البحر الأحمر لم يستمر طويلا.
قد تحدثنا في الجزء 15 عن ميناء عيذاب الذي كانت تستهدف قوافل الحجاج القادمين من كل بلدان شمال أفريقيا الوصول إليه ليلة عبوره منها إلى جدة على الساحل الشرقي ثم للوصول إليه العبور منه إلى الأماكن المقدسة بمكة والمدينة وغيرهما من مدن الحجاز.. ثم يتواصل الوجود المصري ليشمل كل المدن المصرية على الساحل الغربي.. أعتقد أن ميناء بور سودان لم يكن قد أقيم بعد ولكن كانت هناك سواكن وما بعدها… ثم يمتد الوجود المصري إلى هذه الموانئ الهامة مصوغ وزيلع وبربرة بالقرن الأفريقي… ثم يمتد حتى الصومال… وآخر نقطة طبقا للأمر العالي الصادر في 15 يونيو 1880 هي رأس حافون ( الرافعي، عصر إسماعيل، الجزء الأول، ص 136) ثم يمتد الوجود المصري ليتجه إلى سلطنه “هرر” الواقعة بالداخل وكانت زيلع هي ميناءها، وهرر حاليا بالأراضي الإثيوبية، وقد نص قرار الباب العالي المشار إليه علي أن نكون مصوغ وزيلع وبربرة تابعة من الناحية الإدارية إلى مدينة “هرر” أو عن سلطنة “هرر” ويصفها الرافعي ويصف أهلها وصفا جميلا وكيف كانت يوم فتح القوات المصرية لها عام 1875 ويقول أنها تبعد حوالي 232 ميلا من زيلع وهي من المدن العامرة يسكنها 35 ألف نسمة وهم على جانب من الحضارة، والتعليم منتشر بينهم، وبينهم الشعراء والأدباء وأن جميع الصغار فيها يتعلمون القراءة والكتابة والرياضيات والفقه على مذهب الإمام الشافعي وان عادة تعدد الزوجات معدومة هناك”
وفيما أعلم فان “هرر” تعتبر الآن من المزارات السياحية في إثيوبيا وهي مدينة إسلامية.
أما كيف انتهى الوجود المصري من هذه المناطق التي تدخل الآن في زمام دول أخرى.. السودان واريتريا والصومال وإثيوبيا فهو يرتبط بتلك السياسات الاستعمارية التي اتبعتها إنجلترا منذ بدأت تضع عينها على مصر واستغلت كل أحداث الثورة العرابية والثورة المهدية لإنهاء الوجود المصري في السودان وعلى البحر الأحمر وهو ما تحقق لها…
ولقد سبق لي أن كتبت في مقالات في صحيفة الأهرام مطالبا بإحياء الوجود الثقافي المصري في السودان واليوم فإنني انتهز الحديث عن مكتبات مصر العامة على ساحل البحر الأحمر وانتظر بفارغ الصبر مكتبة القصير قريبا إن شاء الله… لكنني أدعو الآن ومن هذا الموقع مكتبات مصر العامة على ساحل البحر الأحمر أن تهتم بتاريخ الوجود المصري على سواحل البحر الأحمر وتعمل على توثيقه وإحيائه وإحياء الاهتمام به فهذا الوجود تراث مصري عظيم ينبغي أن يعرفه أبناؤنا من هذا الجيل.
مكتبات مصر العامة على ساحل البحر الأحمر مثل مكتباتها على البحر الأبيض مدعوة لتعريف أبناء المحافظة والمحافظات المجاورة في الصعيد بتاريخ وتراث مصر في هذه البلاد وذلك جزء من رسالة المكتبات ويتم ذلك ليس فقط من الكتب ولكن أيضا بالندوات واللقاءات والزيارات أيضا.
تحية لأهلنا في سواحل البحر الأحمر
وللحديث بقية
السفير عبد الرءوف الريدي
رئيس مجلس إدارة مكتبة مصر العامة