<
الرئيسية » Uncategorized » “مسيرة التنوير ” عبد الرءوف الريدي

“مسيرة التنوير ” عبد الرءوف الريدي

مسيرة التنوير عبدالرؤوف الريدي

سيظل يوم 18 مايو 2021 يوما مشهودا فى تاريخ عزبة البرج… جاء رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى بعد ظهر ذلك اليوم منطلقا من منطقة اللسان برأس البر مصحوبا بمحافظ دمياط، صاحبة الهمة العالية الدكتورة منال عوض، لزيارة مكتبة عزبة البرج.

لم تستمر زيارته لأكثر من نصف ساعة تفقد فيها فعاليات المكتبة وأجرى حوارا مع الأطفال، ثم زار تلك الحديقة المتفردة على نهر النيل.. كانت الزيارة بمثابة تدشين لمكتبة عزبة البرج وهى المكتبة رقم عشرين بمنظومة مكتبات مصر العامة والتى انطلقت مسيرتها يوم عيد الأم 21 مارس 1995.. يومها لم يكن فى بال أحد أن هذه المكتبة الوليدة على كورنيش نيل الجيزة ستتولد عنها مكتبات فرعية مثل ما هو لدينا الآن فى الزيتون والزاوية الحمراء، أو أنها ستتحول فى خلال فترة وجيزة لتكون مشروعا قوميا لإنشاء مكتبات إقليمية فى محافظات مصر، كانت البداية عندما دعونا محافظى مصر لاجتماع فى يونيو 2000 من أجل إقامة مكتبات عامة بالتعاون معنا فى عواصم المحافظات والمدن الرئيسية بها، ولم يخطر على بالنا آنذاك أن الله سيوفقنا لصدور القرار الجمهورى رقم 49 لسنة 2006 الذى نظم هذه المسيرة وفتح أمامنا الآفاق للانتشار فى مختلف ربوع المحروسة وأنشأ صندوقا لدعم هذه المكتبات.

بدأت مسيرة المكتبات الإقليمية بإنشاء مكتبة الوادى الجديد عام 2003 ثم مكتبة بورسعيد ثم المنصورة ثم دمياط، ثم توالت المكتبات بعد ذلك، والتى كان أحدثها يوم 18 مايو بمدينة عزبة البرج مكتبة فرعية لمكتبة دمياط.

عندما ذهبنا إلى مكتبة الوادى الجديد بالواحة الخارجة يوم 16/10/2003 وسألنا الشباب عن طموحاتهم قالوا إنهم لم يروا البحر فى حياتهم ويحلمون أن توفر لهم المكتبة فرصة يرون فيها البحر.

تذكرت ذلك ونحن فى مكتبة عزبة البرج وأمامنا البحر والنهر وخلفنا بحيرة المنزلة فقلت فى نفسى كم هم محظوظون أهل عزبة البرج بهذه المسطحات المائية التى تحيط بهم، وخطر لى أن تستضيف مكتبة عزبة البرج يوما ما شبابا من الوادى الجديد ليأتوا ليروا البحر، وأيضا المصب وتلك اللوحة الرخامية البديعة التى تسجل رحلة النهر من منابعه فى شرق وأواسط إفريقيا حتى المصب فى رحلة 6500 كم.

كم مر على هذا الموقع من أحداث التاريخ والغزوات والمقاومة المصرية الباسلة وقصة البرج الذى أنشأه الملك العادل ليقاوم غزوات الصليبيين والذى استمدت منه عزبة البرج اسمها الحالى.

تواصلت مسيرة مكتبات مصر العامة، وأزعم أن سر نجاحها هو أنها تعمل بالتعاون، بل والتفاعل مع الوزارات المعنية، خاصة وزارة الثقافة والتخطيط والتنمية المحلية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.. فمكتبة عزبة البرج، وهى مكتبة فرعية لمكتبة دمياط العامة يرأسهما محافظ دمياط والمحافظة مسؤولة عن تدبير العمالة والرعاية المالية والإدارية للمكتبة، ويضاف فى مكتبة عزبة البرج أن هذا التعاون امتد ليشمل المنظمة الدولية العالمية وهى منظمة الأمم المتحدة لشؤون المرأة، والتى أقامت حديقة متفردة بجمالها ملحقة بمكتبة عزبة البرج.

لدينا فى مكتبة مصر العامة طموح كبير من أجل انتشار مكتبات مصر فى كل ربوع مصر.. نتطلع لافتتاح مكتبة القصير العاصمة التاريخية للبحر الأحمر خلال أيام أو أسابيع، كما نتطلع لافتتاح مكتبة قنا بعد عدة شهور وستكون مكتبة رائعة بإذن الله جوار معبد دندرة العظيم، وكم لدى من أمل أن نجد التعاون فى بدء مشروع مكتبة مصر العامة بسوهاج، حيث معبد أبيدوس العظيم «العرابة المدفونة»، وفى أسوان عاصمة الثقافة الإفريقية، وفى السويس مدينة البطولة والتضحية وغيرها، ليس هناك سقف لمجهودنا وليس هناك سقف لطموحاتنا.

لقد أطلقنا مشروع الألف مكتبة وشعار مكتبة لكل مائة ألف مواطن وهو ليس بالكثير على شعب مصر.

ونرى أهمية إصدار قانون للقراءة مثلما صدر قانون فى بلاد كثيرة.

كانت مصر من أوائل دول العالم التى أنشأت مكتبة وطنية وعامة هى دار الكتب التى جاء افتتاحها عام 1870 بقصر الأمير مصطفى فاضل بدرب الجماميز، ونذكر الدور المهم لأبوالتعليم فى مصر، على باشا مبارك، والذى نعمل على وضع كتبه ضمن مقتنيات مكتبات مصر العامة.

لقد لمسنا مدى التأثير الذى أحدثته مكتبات مصر العامة فى المجتمعات التى أنشئت بها.

أنظر إلى المستقبل بأمل أن مكتبات مصر العامة العشرين ستشكل أساسا بما حققته من تجربة وخبرة وما شكلته من كوادر فى مجال المكتبات العامة أنها مسيرة للتنوير، وهى بالتالى مسيرة بلا حدود.

وأثق فى أن ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى أمام مجلس النواب عام 2018، مستهلا به فترة رئاسته الثانية الذى اعتبر فيه الثقافة والتعليم ركنا أساسيا فى بناء الإنسان المصرى، سيبقى مصدرا كبيرا لاهتمام الدولة بمسيرة المكتبات العامة، وبالتالى مسيرة التنوير.

 

المصدر : https://www.almasryalyoum.com/news/details/2339747